مع تزايد التوترات التجارية العالمية، تجد الصين نفسها الآن أمام تحديات اقتصادية كبيرة محتملة، خاصةً بعد الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب في فبراير ومارس 2025، والتي أقرت أن معظم السلع الصينية المُصدّرة إلى الولايات المتحدة ستخضع الآن لرسوم جمركية بنسبة 20%، وهي رسوم لم تكن ساريةً قبل عودة ترامب إلى البيت الأبيض في يناير.
ولا تعد هذه الرسوم فقط هي ما تشكل تحدي لاقتصاد الصين وأسهم شركاتها في الأسواق العالمية، بل هناك عوامل أخرى نعرضها في هذا المقال بالتفصيل..
5 عوامل أساسية تؤثر في أسهم الشركات الصينية.. عالميًا!
على الرغم من قوة وهيمنة الشركات الصينية في مجالات وقطاعات مختلفة كـ التكنولوجيا، التجارة الإلكترونية، والتصنيع، إلا أن أسهمها لاتزال تتأثر بشكل كبير بعوامل متعددة، بعضها داخلي يتعلق بالاقتصاد الصيني، وبعضها خارجي مرتبط بالعلاقات التجارية الدولية والأوضاع الاقتصادية العالمية.. أهمها:
1) الرسوم الجمركية والعقوبات الاقتصادية
الرسوم الجمركية التي فرضها، تم الرد عليها من قبل الصين بفرض رسومًا جمركية على السلع الزراعية الأمريكية بنسبة 15% على الدجاج والقمح و10% على فول الصويا ولحم البقر، وهذا أدى إلى خلق حالة من عدم اليقين في الأسواق، حيث انخفضت أسعار أسهم الشركات المرتبطة بالتجارة مع الولايات المتحدة.
قال روب هاورث، مدير استراتيجية الاستثمار في بنك يو إس:
“مع تباطؤ النشاط التجاري بين الصين وأمريكا، قد تحاول الصين توسيع تجارتها مع أوروبا للتخفيف من وطأة هذه الرسوم.”
2) الاقتصاد العالمي وتباطؤ النمو
على الرغم من قوة الاقتصاد الصيني، إلا أن معدل النمو كان أقل من التوقعات في السنوات الأخيرة، ففي في عام 2024، بلغ معدل النمو الاقتصادي في الصين حوالي 5%، وهو معدل منخفض مقارنة بسنوات الازدهار السابقة، وتسعى الحكومة للتغلب على هذه الظاهرة من خلال زيادة معدلات الإنفاق الاستهلاكي المحلي عبر إجراءات مثل استرداد جزئي للمشتريات، لكن النتائج حتى الآن محدودة.
من جهة أخرى، يواجه قطاع العقارات ضغوطًا كبيرة بسبب فائض المساكن وانخفاض الطلب، ففي عامي 2024 و2025، انخفضت أسعار العقارات بنسبة 10% إلى 15% في المدن الكبرى، وهذا أثر بدرجة كبيرة على أسهم الشركات المرتبطة بالعقارات.
3) سياسات الحكومة الصينية والرقابة التنظيمية
تلعب السياسات الحكومية دورًا حاسمًا في تحديد أداء أسهم الشركات الصينية. على سبيل المثال، تعرضت أسهم علي بابا لضغوط تنظيمية كبيرة من السلطات الصينية خلال السنوات الأخيرة.
ففي 2024، فرضت الحكومة غرامة ضخمة على الشركة بسبب سياسات مكافحة الاحتكار، مما أدى إلى تراجع أسهمها بنسبة ملحوظة.
مع ذلك، تمكنت الشركة من التعافي في بداية 2025 بعد إعلانها عن إيرادات تجاوزت 280.15 مليار يوان للربع الأخير من 2024، مما دفع بأسهمها للارتفاع بنسبة 5.6%.
هذا التعافي يعكس قدرة الشركات الكبرى على التكيف مع السياسات الحكومية المتغيرة، لكن يبقى التحدي في الاستمرار على هذه الوتيرة.
4) الابتكار والتكنولوجيا، ودور علي بابا كنموذج لها
تعتبر علي بابا من أبرز الشركات التي تتأثر بالسياسات الحكومية والمتغيرات الاقتصادية.
بعد أن تعرضت لغرامات كبيرة من الحكومة الصينية بسبب سياسات مكافحة الاحتكار، تراجعت أسهمها بشكل كبير، ولكن الشركة استطاعت التعافي في بداية 2025 حيث قامت في هذه الفترة باستثمارات ضخمة في مجالات الذكاء الاصطناعي والحوسبة الحسابية، وأعلنت حينها عن إيرادات بلغت 280.15 مليار يوان، متجاوزة التوقعات، متمكنة بذلك من رفع الأسهم بنسبة 5.6%.
وعلى الرغم من التحديات، يبقى الابتكار والتوسع العالمي للأعمال من أهم العوامل التي دعمت وما تزال تدعم استقرار أسهم علي بابا على المدى البعيد، وتجعلها قادرة على التكيف مع المتغيرات الاقتصادية العالمية والمحلية في أي وقت ومكان.
5) تقلبات مؤشر VXFXI وتأثير السيولة
يُعد مؤشر VXFXI من أهم المؤشرات التي تقيس توقعات تقلبات الأسهم الصينية، حيث يُظهر مدى تذبذب أسعار صناديق الاستثمار المتداولة قصيرة الأجل، وهو ما يعتبر دليل على حالة عدم الاستقرار في السوق.
من جهة أخرى، يؤثر الفارق بين آجال السندات (بين سندات الحكومة لمدة 10 سنوات وسعر الفائدة على القروض قصيرة الأجل) على ضغط السيولة في السوق، فعندما يزيد الفارق بشكل كبير، يشير ذلك إلى نقص في السيولة النقدية، ويؤدي بدوره إلى تقلبات في أسعار الأسهم.
لكن المحللون يعتقدون أن وجود فرق زمني كبير بين آجال الديون يزيد من مخاطر الاستثمار في الأسهم الصينية، حيث أن هذه التغيرات في أسعار الفائدة تؤثر بشكل غير مباشر على قرارات الشراء.
في الختام: ما تزال الفرص قائمة رغم التحديات!
في ظل هذه العوامل، لا يزال الاستثمار في أسهم الشركات الصينية يشكل فرصة واعدة، خاصة للشركات التي تتمتع بمراكز مالية قوية واستراتيجيات توسعية.
ومع ذلك، تبقى المخاطر قائمة بسبب التوترات السياسية والتقلبات الاقتصادية، مما يتطلب من المستثمرين التحليل